واقع الأمة وسبل النهضة

واقع المسلمين و سبيل النهوض

واقع المسلمين وسبيل النهوض

 

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ،من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ( ياأيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) ( ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحده وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ) ( يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )

أما بعد : فإن أصدق الحديث كلام الله ،وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ،وشر الأمور محدثاتها ,وكل محدثة بدعة ،وكل بدعة ضلالة ،وكل ضلالة في النار .

أما بعد : فإنّ أحوال المسلمين تقلق النّفس وتقطّع النفوس حسرات ؛ذلك أنّ الأمراض قد فتكت بهم ,العقديّة والمنهجية والسياسية وقل ما شئت من الأمراض ,والعلاج بين أيديهم ,لكنهم لا يريدون هذا العلاج إلاّ من شاء الله ,ويذهبون يبحثون عن العلاجات من هنا وهناك . والعلاج الصحيح الذي قدمه لهم ربّ العالمين قلّ من يلتفت إليه مع الأسف الشديد ,فالله وصف هذا القرآن بأنّ فيه شفاء (( قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء )) ((وينزّل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين )) هو شفاء لهذه الأمراض - أي والله .

والله لا علاج لهم ولا مخرج لهم ممّا هم فيه من ذلٍّ وهوان وغثائية إلاّ أن يرجعوا إلى هذا الكتاب فيحكِّموه في عقائدهم وفي عباداتهم وفي مناهجهم وفي سياساتهم وفي كلّ شأن من شؤونهم ,لا علاج لهم إلاّ هذا ,ومع الأسف الأطباء الذين يقدّمون العلاج مساكين يحيدون عن هذا العلاج ويذهبون إلى العلاجات المسمومة الفتّاكة التي لا تزيدهم إلاّ بلاءً وذلاًّ وهواناً .

الرسول عليه الصلاة والسلام تحدّث عن هذه الأوضاع المترديّة المنحطّة التي ستنـزل بالأمّة وفي نفس الوقت قدّم لهم العلاج- عليه الصلاة والسلام - وقعوا في الأمراض والأدواء والغثائية - وقلّ من يريد العلاج - وإذا صاح بهم من يريد لهم الخروج ممّا هم فيه من ذلٍّ وهوانٍ وأمراض لا يسمعون له ولا يلتفتون إليه ,بل يحاربونه مع الأسف الشديد .

الذي يقول كلمة الحقّ ويدعو إلى كتاب الله وإلى سنّة رسول الله وإلى تخليص النّاس من هذه المشاكل والضلالات والبدع التي أوقعتهم في الذلّ والهوان والغثائية يُحَارب أشدّ الحرب ,يُحَارب ممن يلبسون لباس الإصلاح وهم يقودون الأمّة إلى الهلاك والدمار,وما نسمع استجابة لهذه الأصناف .

يا أمّة الإسلام أين التّوحيد الصحيح ؟ أين العقائد الصحيحة ؟ أين المنهج الصحيح ؟ الأمور التي تجمع المسلمين ,المسلمون جميعاً يجب أن يكونوا على عقيدة واحدة وعلى منهج واحد ,ولا يتوفر ذلك إلاّ في كتاب الله وفي سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيما كان عليه سلفنا الصالح الذين آمنوا بالله عزّ وجلّ وبكتابه ورسله وبكلّ قضايا الإيمان والإسلام وطبّقوها في حياتهم ؛ عقائد وعبادات وأعمال وسلوك وجهاد وإلى آخر شؤون الحياة ( لا يَصلُح آخر هذه الأمّة إلاّ بما صلح به أولها ) مهما نشدت الإصلاح الإصلاح من هنا وهناك ؛الإصلاح الآن ديمقراطية ,الآن العلاج عندهم الديمقراطية ؛ الإصلاح والإصلاحيّون ,والإصلاح والإصلاحيّون ويجتمع الرّوافض والباطنيّة والعلمانيّون والكتابيون وإلى آخره على هذا الإصلاح ,يجتمعون على هذا !

ومتفقون عليه وما يريدون غيره أبداً ,لا يريدون غير هذا الذي يدعون إليه ,هذا هو الإصلاح الذي يأتي من أوربا ,ومن أمريكا يأتي من بوش ومن شارون ,هذا هو الإصلاح وهذا هو العلاج !! والصحف والمجلات والمواقع وإلى آخره لا تجد إلاّ النـزر القليل الذي يصدع بكلمة الحقّ ويدعو إلى العلاج الشافي ,( يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها فقال قائل ومن قلة نحن يومئذ قال بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن فقال قائل يا رسول الله وما الوهن قال حب الدنيا وكراهية الموت) نُزِعت المهابة من صدور الأعداء وقُذِف الوهن في قلوب المسلمين إلى أن وصلوا إلى حضيض الغثائية وما يريدون أن يخرجوا من هذا ,ومع الأسف كثيرٌ من علمائهم وأطبائهم يريدون الإصلاح ,الإصلاح ,حوار الأديان ,أخوّة الأديان ,تقديس الأديان ,قداسة الأديان وإلى آخره , يُهان الرسول صلى الله عليه وسلم ونحن نقول : هاتوا لنا العلاج ,هاتوا لنا الحماية ,يا هيئة الأمم احمينا ,خلّي ديننا ورسولنا مع الأديان الفاسدة ,خلّوه في ذيل هذه الأديان مع الأسف الشديد ,المسلمون الآن يُذَبَحون في العراق ولا صوت يرتفع ,أهل السنّة يُذَّبحون في العراق وما تسمع كلاما أبدا - بارك الله فيكم - وحُرِّقت المساجد وهُدِّمت على أيدي الباطنية والروافض - بارك الله فيكم - وديست المصاحف بارك الله فيكم ,ولا كلام ,كيف ؟ لأنّه غثاء ,غثاء والله .

لابد أن نعتصم بحبل الله ,لابدّ أن نتّبع كتاب الله ,لابدّ أن نطيع أوامر الله ولابدّ أن نستجيب لدعوة الله ,لابدّ أن نكون مسلمين ظاهراً وباطناً ,نطبِّق هذا الدّين الحقّ من ألفه إلى يائه ,أصحاب الرسول كانوا في ذلّةٍ وقلّة ,لكن بإخلاصهم وصدقهم وتمسكهم بكتاب ربِّهم وسنّة نبيِّهم نصرهم الله عزّ وجلّ على أقوى الدول وأعتاها في ذلك الوقت كانوا أقلّ الناس عدداً وأقلّهم عدّة وإلى آخره .. جمعهم الله تبارك وتعالى على كتاب الله وعلى سنّة رسول الله عليه الصلاة والسلام .

أنا كنت في المدينة في المسجد النّبوي وأذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم :

(( إنّ المدينة قرية تأكل القرى )) ,تأكل القرى ,كيف؟ المدينة قرية فتحت الدنيا كلّها وكان أهلها في مسجد لا يساوي جزءً من خمسين جزء من هذا المسجد الموجود الآن ,انظر المسجد النبوي الآن مليان من الساحات ,ومليان من الأمم وهم غثاء ,وفي ذلك الوقت مسجد الرسول وقرية الرسول عليه الصلاة والسلام ,مسجد الرسول صغير لا يأتي ولا جزء من خمسين جزء من مسجد اليوم ,فتح الله بهم الدنيا بصدق الإيمان والإخلاص والتّوكل على الله سبحانه وتعالى ؛ما فتحوا الدنيا بقوتهم وإنّما بنصر من الله وتأييد منه (( وما النّصر إلاّ من عند الله العزيز الحكيم )) .

يا أمّة الإسلام عليكم بالتّوحيد الذي حواه القرآن والذي جاء به جميع الأنبياء ,بلدان المسلمين تنتشر فيها القبور والخرافات والضلالات والبدع وإلى آخره ؛كيف يأتيهم النّصر ؟ وكيف تأتيهم العزّة وهم ما تركوا باباً من أبواب الذلّ إلاّ وطرقوه والعياذ بالله ولا باباً من أبواب العزّة والسعادة والسيادة والكرامة إلاّ وتحايده الكثير (( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا )) كلّكم اعتصموا بحبل الله ,ما هو حبل الله ؟ كتاب الله وسنّة رسول الله عليه الصلاة والسلام , هذا أمر لجميع الأمّة ,هل الأمّة استجابت الآن لهذا الأمر ؟

هل الأمّة الآن معتصمة بحبل الله في عقائدها وعباداتها ومناهجها ونشاطاتها ؟

كلاّ والله ,قليل ؛قليل جدّاً الذين يدعون إلى هذا المنهج وإلى الاعتصام بحبل الله عزّ وجلّ مع الأسف والباقون والله يحاربون هذا المنهج وهذه الدعوة .

أنا أعرف يا أولادي ؛وأنتم ما تعرفون ؛نحن كنّا في هذا البلد طلاّب علم يرحل طالب العلم من جنوب المملكة إلى شمالها ومن شرقها إلى غربها ما نجد طلاّب العلم والعلماء إلاّ إخوة على منهج واحدٍِ , وكنت طالب علم في الجامعة الإسلامية ومدرِّساً وإلى آخره ونزلت مكّة لأكمِّل دراستي يلتقي السلفيّون أهل الحديث والسلفيون من هنا كلّهم على قلب رجلٍ واحدٍ لا خلاف بينهم في المناهج ولا في أيّ شيء من الأشياء طبعاً قد تكون أشياء جزئية خفيفة هذا ما يخلو حتى زمن الصحابة ,لكن المنهج والعقيدة وأمور الحياة كلّها حتّى السياسة تجدهم على منهج واحد لا خلاف بينهم ثم جاء الشيطان ينزغ بينهم وجاء أهل الفتن ونفثوا السموم والفرقة والتّمزيق فمزقوهم شرّ ممزق في مشارق الأرض ومغاربها ,كانوا جماعة واحدة على كتاب الله وعلى سنّة رسول الله عليه الصلاة والسلام تجدهم الآن متفرقين تجد الشباب في هذه البلاد متفرقين متنا كرين مع الأسف الشديد , ما فيه محبّة ,ما فيه مودّة ,ما فيه تآلف ما فيه تآخي ما فيه تحكيم لله كلّ واحد يحكِّم عاطفته ويشحنونه بأفكار ما يريد أن يغيرها ولا يعرف أنّه على خطأ أو على حق ,لا يا أخي .

أنا أقرأ في البخاري كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنه قال : ( قدم عيينة بن حصن بن حذيفة فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس وكان من النفر الذين يدنيهم عمر ,وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته كهولا كانوا أو شبانا فقال عيينة لابن أخيه يا ابن أخي لك وجه عند هذا الأمير فاستأذن لي عليه قال سأستأذن لك عليه ,قال ابن عباس : فاستأذن الحر لعيينة فأذن له عمر ,فلما دخل عليه قال: هيه يا ابن الخطاب فو الله ما تعطينا الجزل ولا تحكم بيننا بالعدل ,فغضب عمر حتى هم به فقال له الحر : يا أمير المؤمنين إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) وإن هذا من الجاهلين ,والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه ,وكان وقافا عند كتاب الله ) ,هدأ غضبه ,ذهبت عنه سورة الغضب وعفا عن هذا الإنسان كما أمره الله تبارك وتعالى .

الشاهد من هذا أنّ ابن عباس يشهد لعمر أنّه كان وقّافًا عند كتاب الله عزّ وجلّ .

عمر كان محدِّثاً ,كان فقيهاً إماماً ,لكن قد يجتهد فيخطئ ,وإذا نبهه أحد رجع ,وقّاف عند كتاب الله .

وله قصّة أخرى رضي الله عنه ,قال أبو وائل : جلست إلى شيبة ,يعني الحجبي كانت مفاتح الكعبة عنده ولا تزال عند بني شيبة في الجاهلية والإسلام ,الرسول أعطاهم مفاتيح الكعبة. قال أبو وائل : جلست إلى شيبة في هذا المسجد ,قال جلس إلي عمر في مجلسك هذا فقال: هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمتها بين المسلمين ,قلت: ما أنت بفاعل قال:لم ؟ قلت:لم يفعله صاحباك . قال :هما المرآن يُقتدى بهما ) ,وقف . الأمثلة كثيرة في حياة عمر ,في وقوفه عند كتاب الله وعند سنّة رسول الله عليه الصلاة والسلام .

لكن الآن ,هل نحن وقّافون عند كتاب الله ؟ يا أخي : لا بدّ الواحد يحاسب نفسه ويقول: هل أنا على حقّ أو على خطأ في القضية الفلانية والقضية الفلانية ؟ هل أنا على حقّ أو على خطأ ؟

لا يصل إلى الحقّ إلاّ إذا استسلم لله وانقاد لله عز ّوجلّ وحكّم كتاب الله في نفسه وحكّم سنّة رسول الله في نفسه فحينئذ يمكن أن يكون وقّافا , يمكن أن يكون رجّاعا للحقّ ,لكن إذا أرسل لنفسه العنان فلا يقف في وجهه شيء لا كتاب ولا سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛فإن الباطل سيستولي عليه .

فأنا أنصح نفسي وأنصح أبنائي وأنصح إخواني وأنصح زملائي وأنصح من يخالفني أن نتقي الله في أنفسنا وفي هذه الأمّة وفي هذا الشباب ,فنحكِّم كتاب الله ونجمعهم على كتاب الله وعلى سنّة رسول الله ,ونربّي أبناءنا في مساجدنا ومدارسنا وبيوتنا على هذه الأمور وعلى هذا المنهج وأن نتقي الله في الأهواء والأغراض ,فإنّها والله شتتت الأمّة وشتّتت الشباب .

كان الصحابة كلّهم وقّافون عند كتاب الله وكان السلف الصّالح كلهم وقافون عند كتاب الله والذي يخطأ يرجع والذي يذنب يتوب ,كان الرجل يزني في عهد الرسول والمرأة تزني فلا يقرّ له قرار ولا يستريح أبداً إلاّ أن يذهب إلى رسول الله ويعترف ويقول أقم عليّ الحد ,ويقول رسول الله : لعلك كذا لعلك كذا , أبداً ,يعترف ؛لأنّه لا يرتاح أبدا ويكره الحياة ,لماذا ؟ لأنهم أناس استسلموا لله ,وليسوا بمعصومين ,نحن لسنا بمعصومين كلّنا نقع في الأخطاء لكن يجب على الإنسان أن يتوب (( يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا )) .

وقعتَ في الخطأ ,في العقيدة ,في المنهج ,في السلوك ,في العبادة في شيء .

ارتكبتَ خطأً فباب التّوبة مفتوح وليس من العار ,بل الأنبياء يخطئون ويرجعون ,الأنبياء يخطئون ويرجعون ؛حكى الله عن آدم أنّه تاب من خطيئته ,وحكى الله عن داوود ,وحكى الله عن موسى .. يتوب ويتوب ويتوب ويستحي من هذا الذنب .

وحتى يأتي يوم القيامة هؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وتطلب منهم الشفاعة ,وهو لا يزال ضميره يؤنبه حتى آخر لحظة ,تاب ,تاب ,تاب لكن هذا الإحساس لا يمحى من ضميره ؛يطلبون من آدم الشفاعة فيقول : أنا أذنبت وأخطأت ,نفسي نفسي ,يستحي من ربّه ,يقول: إنّي أستحي من ربّي ,ثم يأتون إلى نوح فيقول : أنا أذنبت وأخطأت ,نوح ماذا أخطأ ؟ دعا على قومه ,اعتبرها خطيئة وهي حقّ ,فيستحي أن يشفع .

إبراهيم أخطأ في ذات الله عزّ وجلّ ويقول: أذنبت وموسى كذلك يقول أذنبت - بارك الله فيكم - أين نحن من هذا الحياء من الله عزّ وجلّ .

يا أخي تعيش عمرك على باطل,حياتك كلها ولا تعالج نفسك ,ولا ترجع إلى الله تبارك وتعالى ,ويمكن وراءك ألوف بل ملايين يتبعونك على هذا الخطأ ,فتحمل وزر نفسك وأوزار الآخرين ( من سنّ سنّة سيّئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ومن سنّ سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ) .

يا أخي ارحم نفسك ,ارحم نفسك ,سُنَّ للناس سنّة حسنة ,أنت لست تشرِّع الآن ,لكن أحيي سنة الرسول عليه الصلاة والسلام ,تكون كأنّك سننت للنّاس سنّة حسنة بارك الله فيكم ؛أشياء قصّر فيها الناس أو ماتت هذه السنّة فأحييتها ,الناس إذا أقبلوا عليها وعملوا بها ,فأنت تكسب أجرها ؛أجرك وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة .

وكذا إذا تعلّقت ببدعة وتبعك النّاس عليها ,فتحمل وزرك ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة .

الشاهد ؛ أننا يجب أن نرجع جميعاً إلى الله ,وأن نعتصم بكتاب الله ,وأن نتبع كتاب الله آيات كثيرة يأمر الله فيها بالاستقامة ,آيات كثيرة يأمر فيها الله بالاتّباع ,آيات كثيرة يأمر فيها الله رسوله بالاتّباع (( اتّبع ما أنزل إليك)) (( اتّبع ما أوحي إليك)) (( اتّبعوا ما أنزل إليكم من ربكم )) ويقول تعالى : (( إنّ الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا )) أوامر كثيرة ونواهي كثيرة عن المعصية وعن المخالفات وعن وعن ...لماذا ؟ كتاب الله بين أيدينا وندرسه ونحفظه أولادنا ,وتحفيظ القرآن ,لكن أين الآداب ؟ نحفظ الألوف والألوف والحفظ مطلوب ,لكن أين العمل أين العمل ؟ القرآن ألا يدعونا إلى الاجتماع ؟! ألا يدعونا إلى الاعتصام بالكتاب والسنّة ؟ ألا يدعونا إلى ترك الباطل ؟ ألا يدعونا إلى ترك البدع ؟ ألا يدعونا إلى محاربة الشرك والضلال ؟ نتفقه في دين الله ويحاول كل واحد يعمل في نفسه ويحاول أن يعلم أسرته ويحاول أن يربّي الناس في مدرسته على هذا المنهج وعلى هذه العقيدة التي جاء بها جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ,ويحذرهم من الشرك دعاء غير له ,والذبح لغير الله ,والاستغاثة بغير الله إلى آخره ,تجد دعاة يملأون الدنيا ,لكن هذه ليست من المنكرات عندهم ,ماذا استفاد الناس منك وأنت تقرّهم على الباطل ؟

ما تزيدهم إلاّ ضلالاً ولا تزيدهم إلاّ غثائية ,ولهذا كثرت الدعوات في العالم الإسلامي من هنا وهناك وكَثُرَت الأحزاب ,والله لا يزداد الناس إلاّ بلاءً ,لماذا ؟ لأنّهم ما سلكوا طريق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في الإصلاح ؛إصلاح الأنبياء يبدأ بماذا ؟ بالإصلاح العقائدي ؛يأتي النبي قومه وعندهم شرك ,عندهم ضلالات ,فساد طويل عريض في الحياة كلّها يبدؤون بماذا ؟ يبدؤون بإصلاح العقيدة ؛يأتي إلى قوم يدعون غير الله ,يذبحون لغير الله يتعلقون بالأصنام ,يعبدون الملائكة ,يعبدون الأشجار ,يعبدون الأنبياء إلى آخره ,فيبدأ بتصحيح العقيدة ,يصحح العقيدة .

انظر إلى العالم الإسلامي الآن ,اذهب إلى مصر ,اذهب إلى السودان ,اذهب إلى باكستان ترى العجائب ,في هذه البلاد مُحِيت القبور - ولله الحمد - ولكن دعوات الآن هيّأت الناس لهذه الأوضاع المردية ,وربما يستنكرون التركيز على الدعوة إلى التوحيد .

يا أخي الرسول عليه الصلاة والسلام كان بين الفينة والفينة يبايع أصحابه على ألاّ يشركوا بالله شيئاً ,يبايع أبا بكر وعمر وابن مسعود وعبادة ابن الصامت وغيرهم ,يبايعهم على ألاّ يشركوا بالله شيئا وأن يقيموا الصلاة وإلى آخره ,كيف يبايع أبا بكر وعمر؟! لأنّ العقيدة دائماً تحتاج إلى إذكاء ,إلى تجديد ,إلى تنبيه .

العقيدة هذه لابد أن نغرسها في أنفسنا وفي أوساطنا ونذكِّر بها.

كيف يبايع الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه على ألاّ يشركوا بالله شيئا ؟

الآن لو قلت لواحد : تعالى أبايعك على ألاّ تشرك بالله شيئا كيف يفعلون ؟!!

لو وجد الآن داعية يحذرهم من الشرك ,يقولون : وهل نحن مشركون ؟ كيف أبو بكر وعمر يبايعون على ألاّ يشركوا بالله شيئا وأنتم لا تُحَذّرون من الشرك ؟!

إبراهيم عليه السلام يقول: (( واجنبني وبنيّ أن نعبد الأصنام )) إبراهيم أبو الأنبياء وخليل الرحمن يقول : (( واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ربّ إنّهنّ أضللن كثيراً من الناس فمن تبعني فإنّه منّي ومن عصاني فإنّك غفور رحيم )) عليه الصلاة والسلام .

وهو يعلم أنّ أبناءه سيأتي فيهم الأنبياء الكثير ومع هذا يخاف ,كيف نأمن على أنفسنا

( يا مقلّب القلوب ثبّت قلوبنا على دينك ) رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول هذا ويعلّم أصحابه أن يقولوا هذا ,نحن الآن كأن عندنا ضماناً أننا لا نقع في الشرك ولا في النفاق .

كان الصحابة يخافون على أنفسهم النِّفاق يقول ابن أبي مليكة : أدركت ثلاثين من أصحاب محمد كلهم يخاف على نفسه النّفاق ,الإنسان لابد أن يخاف من النّفاق ,يخاف من الوقوع في الشرك ,يخاف أن يزيغ قلبه (( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنّك أنت الوهاب )) (( فلا يأمن مكر الله إلاّ القوم الخاسرون )) ندعو الله عزّ وجلّ أن يحفظ قلوبنا ,ونبذل الأسباب التي ترسّخ الإيمان في نفوسنا ,نبذل الأسباب ؛من طاعة الله ,من الاستسلام لله عزّ وجلّ ,من الاستغفار لله عزّ وجلّ في الليل والنّهار وبالأسحار ونضرع إليه دائماً أن يثبتنا على الإسلام وأن يهدي الله على أيدينا من يريد هدايته سبحانه وتعالى .

ولابد يا إخوة من إحياء المحبّة والمودّة والأخوّة في أوساط المسلمين على أساس الكتاب والسنّة وليس على أساس النّفاق والمجاملات ,على أساس الحقّ ,إحيي الحقّ في نفسك وآخي عليه الناس وادع إليه ,ولابد من هذا التلاحم وهذا التآخي بين المسلمين (( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا )) وما الذي يفرّقنا ؟ الأهواء ؛الذي يفرق : الأهواء ,أنت لك رأي وأنا لي رأي ,وأنت تتبع فلانا وأنا أتبع فلانا ,ثمّ لا نحكّم كتاب الله جاءت حينئذٍ الفرقة وجاءت العداوة وجاءت البغضاء وجاء سفك الدماء وجاء التفرق والضياع إلى الحالة التي وصل إليها المسلمون .

فأسأل الله تبارك وتعالى أن يجمع المسلمين على الحقّ ,على كتاب الله وعلى سنّة رسول الله وأن يجمع شباب هذا البلد خاصّة على كتاب الله وعلى سنّة رسول الله عليه الصلاة والسلام ,وعليهم أن يتذكروا حال الجزيرة قبل أن تأتي الدعوة السلفية على يد الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب ,أن يتذكروا التفرق والتمزق والضياع بارك الله فيكم حتى إن بعضهم وصل به الجهل أنّه ينكر البعث ,دعْ عنك ترك الصلاة وترك الزكاة واللعب إلى آخره ,فجمعهم الله على كتاب الله وعلى سنة رسول الله وعلى هذه العقيدة الصحيحة .

فيجب يا إخوة أن نتذكر هذا الواقع المظلم الأول والواقع المضيء الثاني ,ونرجع إليه إذا حصل منا مجافاة أو نفرة عن هذا أو تنفير عنه ,أن نرجع إليه وأن نتآخى وأن ندرك أنّ أعداء الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها من الكفار واليهود والعلمانيون كلهم ما يتكالبون إلاّ على هذه دعوة ,الدعوة السلفية التي جددها الإمام محمد ابن عبد الوهاب لأنّهم يعرفوون أنّها هي الإسلام الحقّ ,لا تصدقوا أن بين الروافض وبين اليهود والنصارى عداوة أبدا ,كل هذا كذب وضحك على الناس ,لا تصدّقوا هذا التّهريج الكاذب ,كلّ هذا من ذرّ الرماد في العيون .

لا يُعادي اليهودُ والنصارى إلاّ هذا المنهج ,لأن فيهم فلاسفة ومفكرين ومستشرقين يدرسون الإسلام ويعرفون من هي الفرقة التي يمكن أن تكون ذنبا لنا وعونا لنا على الإسلام والمسلمين جميعا ويعرفون من هي الجماعة التي على الحق ولا يمكن أن تنقاد لهم ولا يجدون هذا إلاّ عند أتباع المنهج السلفي .

فاعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا .

نسأل الله أن يجمع قلوبنا جميعا على كتابه وعلى سنّة نبيه وأن يرينا عيانا ما نتمناه من عزّة الإسلام وعزّة المسلمين واجتماعهم في صعيد واحد على كتاب الله وعلى سنة رسول الله ,أسأل الله أن يحقق ذلك .وادعوا الله جميعا في خلواتكم وفي مساجدكم أن يحقق ذلك .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

 

قام بتفريغ هذه الكلمة وعرضها على الشيخ حفظه الله أخوكم فواز الجزائري

ليلة السبت 2/3/1427هـ

www.rabee.net

 

الأقسام الرئيسية:

المشائخ والعلماء:

وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ

قال العلامة محمد بن عثيمين رحمه الله فى تفسير القران الكريم تفسير سورة البقرة (1 \168-171) فى فوائد اية "يا بنى اسرائيل اذكروا نعمتى التى أنعمت عليكم و أنى فضلتكم على العالمين"  :"ومنها: أن بني إسرائيل أفضل العالم في زمانهم؛ لقوله تعالى: { وأني فضلتكم على العالمين }؛ لأنهم في ذلك الوقت هم أهل الإيمان؛ ولذلك كُتب لهم النصر على أعدائهم العمالقة، فقيل لهم: {ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم} [المائدة: 21] ؛ و "الأرض المقدسة" هي فلسطين؛ وإنما كتب الله أرض فلسطين لبني إسرائيل في عهد موسى؛ لأنهم هم عباد الله الصالحون؛ والله سبحانه وتعالى يقول: {

الأقسام الرئيسية:

ذكرى للمسلمين

ذكرى للمسلمين عموماً

ولعلمائهم وحكامهم خصوصاً

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه   أما بعد :

فإنه لما يشرف المسلم ويملأ جوانحه سروراً واعتزازاً ما قام به المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها من استنكار غاضب لما يرتكبه أعداء الإسلام في الغرب من إهانة للقرآن الكريم وللإسلام ونبي الإسلام صلى الله عليه و سلم قامت ردود الفعل الغاضبة في بلاد الإسلام وعواصمه من الشعوب والحكام والعلماء .

ومن تقر له عين ولو كان من أشد الناس ضعفاً في الإيمان تجاه هذه التصرفات الرعناء تجاه الإسلام ونبيه أعظم الأنبياء وكتابه أعظم الكتب السماوية ؟ .

هذه المواقف المشرفة تبعث في النفوس الأمل القوي في عودة المسلمين إلى كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم , وبهذه العودة الجادة الصادقة إلى تطبيق القرآن عقيدة وعملا ورفضا لكل ما خالفه من عقائد وعادات ودساتير وقوانين , بهذه العودة والرفض الجاد لما خالف القرآن يكون المسلمون قد حققوا نصراً وانتصارا عظيما للإسلام وقرآنه ونبيه وسنته .

ومن منطلق هذا الأمل الواسع القوي أوجه هذا النداء إلى المسلمين عموماً وإلى حكامهم وعلمائهم خصوصاً أسدي هذه الذكرى كما أمرنا ربنا بذلك فقال : ) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ( ( الذريات:55 )

وأزجي لكم هذه النصيحة كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( الدِّين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة قلنا لمن قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه مسلم (1/74) وغيره.

ومما لا يمتري فيه اثنان ولا ينتطح فيه قرنان أن معظم هذه الأمة قد وقع في أمور منكرة عقائدياً ومنهجياً وسياسياً واقتصادياً يَصْدُق عليهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى قال فمن ؟)  رواه البخاري (3269 ,6889) ومسلم ( 2669) .

ونتيجة لهذه التبعية العمياء نزل بالأمة من الرزايا والبلايا الشيء الكثير الذي يكفي بعضه لأن تستيقظ الأمة فتدرك خطورة ما وقعت فيه من مخالفات لكتاب ربها وسنة نبيها في عدد من المجالات وخطورة ما نزل بها من ويلات .

منها تسلط أعداء الإسلام عليها من قرون مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها .فقال قائل : ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال : بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن.فقال قائل : يا رسول الله وما الوهن ؟ قال : حب الدنيا وكراهية الموت([1])) رواه أبو داود (4/111 - ح 4297) وأحمد (5/278) وغيرهما وهو صحيح.

حتى أصبح دين الله الحق في غربة كما قال رسول الله r : ( بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء ) رواه مسلم (1/130-ح145) وغيره

فيا أُمَّة الإسلام بادروا بالرجوع إلى دين الله الخالص كما أمركم رسول الله r وأيقنوا أنه لا خلاص لكم مما نزل بكم إلا بالعودة الصادقة والإصلاح الشامل في كل الميادين العقائدية ،فالمخالفات العقدية كثيرة في باب أسماء الله وصفاته ،فكثير من الأمة لا تطابق عقائدها ما جاء في الكتاب والسنة وما كان عليه الصحابة الكرام والسلف الصالح من تعظيم الله بإثبات أسمائه وصفاته فعطلوها إلا من   وفق الله تعالى .

وفي أبواب القدر مخالفات لما جاء في الكتاب والسنة فهم ما بين جبري وقدري إلا من ثبت الله تعالى.

وفي قضايا الإيمان ما بين خارجي ومعتزلي ومرجئي .

وفي أبواب التوحيد وإخلاص العبادة لله وحده مخالفات كثيرة لما جاء في الكتاب والسنة ولما جاء به الرسل جميعاً من الاستغاثة بغير الله في الشدائد ودعاء غير الله حتى في حال الرخاء والذبح والنذر لغير الله وهذه من الشرك الأكبر ، قال تعالى: ) وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ   كَافِرِينَ ( (الأحقاف : 5-6) .

فصرَّح الله تعالى بأن دعاء غيره ضلال وأنَّ دعاء غير الله عبادة لذلك المدعو  وعبادة غير الله شرك بالإجماع .

وقال تعالى : ) وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً ( (الجـن:18)

 والآيات في هذا الباب كثيرة .

) قال تعالى : فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ( (الكوثر:2)

 وقال تعالى : ) قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ( (الأنعام : 162/163) .

وقال تعالى : ) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً ((الإنسان:7)

فهذه العبادات صرفها لغير الله شرك به .

والبناء على القبور وشد الرحال إليها وذلك من وسائل الشرك والغلو في أهلها إلى درجة أن كثيراً من الناس يعتقدون فيهم أنهم يعلمون الغيب ويتصرفون في الكون فمن هذه الأمور ما هو شرك أكبر .

وفي الحياة الاجتماعية مخالفات لما شرعه الله من الحشمة والحياء وسائر ما أدبنا الله من الآداب والأخلاق التي تميز المسلمين من غيرهم ومن اختلاط الرجال بالنساء والتشبه بأعداء الإسلام والمبالغة في ذلك .

وفي مجال الاقتصاد انتشر الربا والرشوة والقمار وما جرى مجراها ،وهي من أعظم الكبائر ،وقد توعد الله بحرب المرابين ولعن الراشي والمرتشي .

وفي مجال السياسة والحكم تحكم الشعوب الإسلامية بغير ما أنزل الله من القوانين الغربية وغيرها إلا من سلم الله كبلاد الحرمين .

والوصول إلى الحكم والمجالس النيابية عن طريق الديمقراطية وما ينشأ عنها من الإيمان والعمل بالانتخابات القائمة على التعددية الحزبية التي حرمها الله ،  والدعوة إلى مشاركة المرأة في الترشيح والانتخابات والبرلمانات .

وكل هذه الأعمال مخالفة لما جاء به الإسلام من الهدى والنور والعدل والإحسان وإلزام الأمة بأن تكون أمة واحدة تجمعهم الأخوة والمحبة في الله وتجمعهم العقيدة الواحدة .

والديمقراطية وما تفرَّع عنها تمزق الأمة وتغرس في نفوس الأحزاب والأفراد العداوة والبغضاء إلى جانب تبذير الأموال الطائلة لكسب الأصوات في حلبة الصراعات والإعلانات المزيفة القائمة على الكذب وفساد الأخلاق وتخريب الذمم .

ولهذا يسعى اليهود والنصارى وعلى رأسهم أمريكا لفرض هذه الديمقراطية وما يتبعها وحقوق المرأة المزعومة على الأمة الإسلامية .

وإني لأناشد بالله العلماء والحكَّام والمثقفين وأذكرهم أنا وكثير من المسلمين بقول الله تعالى : ) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً ( (النساء:58)

ولا يوجد العدل إلا في شرع الله ، لا في الديمقراطية ولا في غيرها .

ويقول الله : ) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإحسان وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ( (النحل:90)

والديمقراطية ليس فيها العدل الذي شرعه الله ولا فيها النهي عن الفحشاء والمنكر بل البلدان التي تحكم بالديمقراطية وما تفرع عنها من قوانين هي مرتع خصب للفواحش والمنكرات ، بل تعتبر الديمقراطية ذلك من الحريات والمساواة واحترام الآخرين والأخريات .

ومن المصائب التي تزيد المسلمين بلاء على بلائهم أن تسمع أصوات باسم الإسلام تقول : إن الديمقراطية هي الإسلام أو روح الإسلام ، ونُذَكِّر هؤلاء بقول الله تعالى لأهل الكتاب : ) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ ( ( الأعراف:169 )  

أين الديمقراطية التي وضعها شياطين الإنس لإرواء شهوات وأهواء البشر وإهمال حقوق الله وعدم مراعاتها وعدم مراعاة الرسل وما جاؤوا به من عند الله من عقائد وتشريعات قائمة على العدل والحكمة ومراعاة مصالح البشر ودرء المفاسد عنهم التي تفسد عقائدهم وعقولهم وأخلاقهم .

وأذكرهم بأن الانتخابات التي هي إحدى مقومات الديمقراطية تصادم هدي النبي صلى الله عله وسلم في اختيار الرجال الأكفاء علماً وتقوى وعدالة واستبعاد من يحرص على المناصب ويطلبها .

وعن عبد الرحمن بن سمرة قال : قال لي رسول الله  صلى الله عليه و سلم : ( يا عبد الرحمن لا تسأل الإمارة , فإنَّك إن أعطيتها عن مسألة وُكِلْتَ إليها (!) , وإن أعطيتها عن غير مسألة أُعِنْتَ عليها ) متفق عليه .

ففي هذا الحديث ينهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَّته عن سؤال الإمارة إذ العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب والأشخاص , ويُبّيِّنُ رسول الله r أنَّ سائلها يُوكَلُ إلى نفسه ومن وُكِلَ إلى نفسه هلك لأنه يُحرَمُ العون من الله , فما هو مصير من يحرم من عون الله ولطفه ؟!

ولافتقار العباد إلى عون الله تعبدنا الله أن نقول في كل صلاة : ) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ( (الفاتحة:5) وعلَّمنا رسول الله r أن نقول : ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) متفق عليه .

وإذا كان سائل الإمارة هذا حاله فما هو مصير من يرسخ نفسه للإمارة ويبذل الأموال الطائلة ويكثف الدعايات الكاذبة ويفعل الأفاعيل ليصل إلى قبة البرلمان أو ليكون عضواً في المجالس البلدية ، يفعل كل ذلك مخالفاً لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتبع هدي اليهود والنصارى , ويدعي أن هذا من الإصلاح ومن أسباب النهوض بالأمة ومن تحقيق العدالة والحرية , ووالله إنه لمن الضلال والظلم والفساد ودفع الأمة إلى الهلاك والشقاء , قال تعالى : ) فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ( (طـه: 123-126)

فهذان مصيران متنافيان أحدهما أبعد عن الآخر بعد المشرقين .

1-   مصير من اتبع هدي الله وهدي رسوله أنه لا يضل في الدنيا ولا يشقى فيها  ولا يشقى في الآخرة بسبب اهتدائه للحق وتمسكه بذكر الله أي بوحيه وإتباعه لهذا الوحي .

-2 ومصير من أعرض عن ذكر الله أي وحيه وهو ما أنزله على رسوله محمد  فإنَّ له معيشة ضنكا أي حياة نكد وضلال وشقاء وذل وهوان في الدنيا والآخرة .

أما إذا كان الرجل يتمتع بالكفاءة العلمية والأخلاق العالية ومنها الصدق والأمانة والنصح لله ولكتابه ولرسوله وللمؤمنين فأعطي الإمارة أو أي منصب من غير مسألة ولا حرص أو أكره عليها فقد وعده الصادق المصدوق بالإعانة من الله على القيام بما أسند إليه من المهام ونتيجة لذلك يأمن الناس من ظلمه وتعيش رعيته ومن تحت مسئوليته في أمان من جوره وعسفه .

وعن أبي موسى قال : ( دخلت على النبي (صلى الله عليه و سلم)  أنا ورجلان من بني عمي ,فقال أحد الرجلين : يا رسول الله أَمِّرْنَا على بعض ما وَلاَّك الله عزَّ وجلَّ، وقال الآخر مثل ذلك , فقال رسول الله (صلى الله عليه و سلم) :(إنَّا والله لا نُوَلِّي على هذا العمل أحداً سأله ولا أحداً حَرِصَ عليه ) متفق عليه .

في حديث أبي موسى هذا تشريع للأمة وعلى رأسها الأئمة من خلفاء وغيرهم أن يحولوا بين من يسألون الولايات أو يحرصون عليها ولو كان السائل من أفضل الناس , فإن سائلها لا يوفق للنهوض بأعباء مسئولية الإمارة ويحرم من عون الله ولهذا كان أفاضل السلف يفرون من تولي المناصب كالقضاء وغيره , وكان بعض من يعطاها من غير سؤال أو يكره عليها من أروع الأمثلة للعدل والورع والدعوة إلى الله ونشر الخير في الأمة .

فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرم من يسأل الولاية من أصحابه أو يحرص عليها وهم خير أمة أخرجت للناس فكيف بغيرهم ولو كان من أتقى الناس وأزهدهم ، بل وكيف ومن يسألها ويحرص عليها ويسعى في تحصيلها من الجهلة والمنحرفين والفساق ,ماذا ستكون النتائج وقد خذلهم الله فلم يمدهم بعونه , ماذا سيلحق بالأمة من الظلم والعسف وسلب الحقوق ومصادرة الحريات والاستئثار بالأموال والوظائف والمصالح , لا سيما إذا كان هناك في المجتمعات تكتلات وتحزبات سياسية وغيرها .

وهذا أمر ملموس ومشاهد في البلدان التي آثرت الحكم بالقوانين الأجنبية على الحكم بما أنزل الله وآثرت الديمقراطية وما يتبعها من التعددية الحزبية والانتخابات على منهج الإسلام في الوصول إلى الولايات والمناصب وغير ذلك مما يخالف منهج الإسلام القائم على مراعاة حقوق الله في الدرجة الأولى وعلى العدل ومراعاة المصالح والمفاسد وإسناد الأمور إلى الأكفاء .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة فنعمت المرضعة وبئست الفاطمة ) رواه البخاري (6729) وغيره .

قال الحافظ ابن حجر في شرح حديثي أبي  موسى وحديث أبي هريرة  -رضي الله عنهما- : " زاد في رواية شبابة : "وحسرة " ويوضح ذلك ما أخرجه البزار والطبراني بإسناد صحيح عن عوف بن مالك بلفظ ( أولها ملامة وثانيها ندامة وثالثها عذاب يوم القيامة إلا من عدل ) .

وقال الحافظ : " قال البيضاوي فلا ينبغي لعاقل أن يفرح بلذة يعقبها حسرات . قال المهلب: الحرص على الولاية هو السبب في اقتتال الناس عليها حتى سفكت الدماء واستبيحت الأموال والفروج وعظم الفساد في الأرض بذلك ووجه الندم أنه قد يقتل أو يعزل أو يموت فيندم على الدخول فيها لأنه يطالب بالتبعات وقد فاته ما حرص عليه بمفارقته ،قال : ويستثنى من ذلك من تَعيَّن عليه كأن يموت الوالي ولا يوجد بعده من يقوم بالأمر غيره ، وإذا لم يدخل في ذلك يحصل الفساد بضياع الأحوال " فتح الباري ( 13/135) .

وإذا كان الحرص على الولاية قد أدى إلى ما ذكر من سفك الدماء إلى آخره في الأزمنة الماضية فماذا ينتظر الآن من السياسيين وقيادات الأحزاب وطوائف أهل الضلال الذين بهرتهم الحضارة الغربية وعادات أهلها وتقاليدهم وقوانينهم وطرقهم للتوصل إلى الحكم ومنها الانتخابات وما يتبعها من دعايات وإنفاق الأموال الطائلة رشوة لكسب الأصوات فمن يستطيع أن يتصور الفساد الأخلاقي والديني في المجتمعات وشحن الصدور بالغل والعداوات ؟  

أثر البطانة الصالحة والفاسدة

عن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه- عن النبي (صلى الله عليه و سلم) قال : ( ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان ، بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه فالمعصوم من عصمه الله ) البخاري في الأحكام حديث (7198).

ففي هذا الحديث بيان أن من سنن الله الكونية فيمن يتحمل مسئولية قيادة الأمة أن يبتليه ببطانتين :                       

إحداهما: خيرة تراقب الله وتخشاه وتريد للناس الخير فتشير على هذا الخليفة أو السلطان أو الملك بالمعروف من العدل والإحسان والبر والرحمة والتربية على العقائد الصحيحة والأخلاق الإسلامية العالية ونشر العلم الشرعي والرفق بالأمة أو من تحت سلطانه وتحضه على ذلك أي ترغبه في ذلك وتؤكده عليه ، فإن استجاب لهذه البطانة الخيرة التي تريد له وللناس الخير الشامل ساد الأمن والعدل بين الناس وقامت شرائع الدين وشعائره وسادت المحبة والوئام بين الأنام .

والثانية: البطانة الشريرة التي تأمره وتشير عليه بالشر من الظلم والتعسُّف والاستبداد وتزين له ذلك وتؤكد ذلك عليه ساد الظلم والتظالم وفساد العقائد والمناهج وساد التحاسد والتباغض والتدابر والفرقة والاختلاف والأثرة والأنانية بين أفراد الأمة وجماعاتها .

فعلى ولاة الأمور من الحكام والوزراء والأمراء والقضاة وأهل الفتوى وأعيان الناس ممن لهم رعايا وأتباع أن يختاروا البطانات الصالحة والجلساء الصالحين الأمناء الناصحين الذين يأمرونهم بالمعروف ويحضونهم عليه ويحبون للناس الخير وأن يحذروا من بطانات السوء الذين يأمرونهم بالشر ويحضونهم عليه ، فهؤلاء لا يريدون لأنفسهم ولجلسائهم ولأمرائهم وللناس إلا الشر ، فهم من شياطين الإنس الذين يصدون الناس عن الحق ويدعون إلى الباطل والظلم ، يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً .

فعلى من ولي شيئاً من أمور المسلمين أن يحذر هذا الصنف من البشر وألا يقبل لهم رأياً ولا مشورة ، وما ذكرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ليحذرهم الناس وبالدرجة الأولى ولاة أمر المسلمين .

وقريب من هذا الحديث قول النبى (صلى الله عليه و سلم) حديث عائشة-رضي الله عنها- قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا أراد الله بالأمير خيراً جعل له وزير صدق إن نسي ذكَّره وإن ذكر أعانه ،وإذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء إن نسي لم يذكره وإن ذكر لم يعنه ) رواه أبو داود (3/131) وهو حديث صحيح .

فالإمام العادل من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، ولا يتسنى له القيام بالعدل إلاَّ بالأعوان الصادقين الناصحين الذين يذكرونه بما يجب عليه أن يقوم به تجاه ربه وتجاه رعاياه ، وإذا كان كذلك فعليه البحث والفحص عن المعادن الطيبة الخيار ليتخذ منهم الوزراء والأمراء والقضاة والإداريين ، وعلى هؤلاء أن يتحروا جلساء الخير من أهل العلم والعقل والفضل والنصح ، فهم كما قال رسول الله r : ( مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة ) متفق عليه.

وأن يجتنبوا جلساء وقرناء السوء فهم كما قال رسول الله (صلى الله عليه و سلم) كنافخ الكير إن لم يحرقك لم تسلم من خبثه .

ويلحق بالإمام أهل المسئوليات الكبيرة من الوزراء والقضاة وأئمة الفتوى عليهم أن يختاروا البطانات والجلساء والنصحاء الأكفاء ، وأن يحذروا بطانات وجلساء الشر والغش والخيانات، وبذلك كله يسود العدل الذي قامت عليه السماوات والأرض ويسود الحق والخير والتوحيد والأمن ويعظم شأن الأمة ويرفع عنها الذل والهوان الذي جثم على صدرها من قرون .

وروى البخاري في كتاب الرقاق باب ( العزلة راحة ..) حديث (6131)   بلفظ : ( إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة )

وعن أبي هريرة-رضي الله عنه- عن النبي (صلى الله عليه و سلم) قال : ( إذا ضُيِّعَتِ الأمانة فانتظر الساعة ، قال السائل كيف إضاعتها ؟ قال : إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة ) أخرجه البخاري في كتاب العلم حديث ( 59) وغيره .

- قال الحافظ في شرح هذا الحديث : ومناسبة هذا المتن لكتاب العلم أن إسناد الأمر إلى غير أهله إنما يكون عند غلبة الجهل ورفع العلم وذلك من جملة الأشراط ومقتضاه أن العلم ما دام قائماً ففي الأمر فسحة وكأن المصنف أشار إلى أن العلم إنما يؤخذ من الأكابر واستشهد بحديث أبي أمية الجمحي أن رسول الله (صلى الله عليه و سلم) قال : ( من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر ) .

وما تضمنه الحديث يوجد منه الكثير في حياة المسلمين ولا سيما بعد تسلط الغرب التسلط العسكري والفكري ولا سيما بعد محاولته فرض الديمقراطية ومشتقاتها في بلاد المسلمين حتى أصبح لا يطلق العلم إلا على ما اخترعه الأروبيون وأصبح لفظ العلماء إذا أطلق في الصحف والمجلات وغيرها لا ينصرف إلا إلى علماء الغرب ، فإلى الله المشتكى من غربة الإسلام حتى في أوطانه :(بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء ) سبق تخريجه .

ومع كل هذا فلا نيأس من روح الله ونضرع إليه تعالى أن يوفق أمة الإسلام للعودة الصادقة الجادة إلى كتاب ربها وسنة نبيها وواقع سلفها الصالح لتخرج بذلك من دوامة الذل الذي نزل بأغلبها فإن ذلك لا يرفع عنها إلا بهذا الرجوع الذي أرشدنا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : ( إذا تبايعتم بالعينة ورضيتم بالزرع واتبعتم أذناب البقر وتركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلاً لا ينـزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) رواه أبو داود (3/274) وغيره وهو صحيح .

وكل هذا وذاك وقع فعلاً في المسلمين ولا مخرج لهم ولا ينـزع عنهم هذا الذل المهين إلا بما أرشد إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله حتى ترجعوا إلى  دينكم .

نسأل الله أن يجعل من هذه الأمة -شعوباً وحكاماً وعلماء- آذاناً صاغية وقلوباً واعية لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم وأرشد إليه .

وفي هذه الحوادث والأحداث الكبيرة ما يحفزهم ويدفعهم إلى المخرج مما يعيشونه ألا وهو العودة الصادقة إلى دينهم الحق الذي رضيه لهم وشرفهم به .

 

نسأل الله أن يحقق ذلك منهم

 إن ربنا لسميع الدعاء .

كتبه :

ربيع بن هادي بن عمير المدخلي

مكة في 10/ربيع الثاني/1426هـ

 

              



[1] : وبسبب هذا الوهن والذل والغثائية في الأمة تسلط الأعداء عليهم وبسبب هذه الأمور تتكرر هذه الإهانات للإسلام ولنبي الإسلام r ولكتاب الله تعالى

 

الأقسام الرئيسية:

المشائخ والعلماء:

نداء الى الأمة الاسلامية

بسم الله الرحمن الرحيم

الأقسام الرئيسية:

المشائخ والعلماء:

من أسباب ضعف المسلمين

قال الشيخ الألبانى[1]  رحمه الله(اذا اردنا ان ننصر شعبا من الشعوب الإسلامية قبل كل شىء يجب علينا نحن ان ننصر الإسلام فى عقر دارنا و نحن ما ننصر إسلامنا فى عقر دارنا و لذلك أصابنا البلاء فى كل الديار الإسلامية و هذا نأسف له و لكن نسأل الله عزو جل أن يعامل أفراد المسلمين بالوعد الصادق (إنا لننصر رسلنا و الذين جاهدوا فى الحياة الدنيا)[2]  و (لاتزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى تقوم الساعة)

الأقسام الرئيسية:

المشائخ والعلماء:

Pages

Subscribe to RSS - واقع الأمة وسبل النهضة